كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



تَنْبِيهٌ:
لَا يُنَافِي اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ هُنَا مَا يَأْتِي أَنَّهُ قَدْ يَنْوِي الْقَصْرَ وَيُتِمُّ وَالْجُمُعَةَ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ وَصَلَاتُهُ غَيْرُ مَا نَوَاهُ ثُمَّ بِاعْتِبَارِ عَارِضٍ اقْتَضَاهُ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ) فِي مَكْتُوبَةٍ وَنَذْرٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ كَأُصَلِّي فَرْضَ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ الظُّهْرَ فَرْضًا وَالْأُولَى أَوْلَى لِلْخِلَافِ فِي إجْزَاءِ الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الظُّهْرَ اسْمٌ لِلزَّمَانِ وَذَلِكَ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ وَمُعَادَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهَا لِتُحَاكِيَ الْأَصْلِيَّةَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ اعْتِمَادُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الصَّبِيِّ لِتُحَاكِيَ الْفَرْضَ أَصَالَةً، وَيُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَوْ نَظَرُوا لِكَوْنِهَا نَفْلًا فِي حَقِّهِ لَمْ يُوجِبُوهُ فَتَصْوِيبُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ تَصْوِيبُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ لِذَلِكَ يَرُدُّ بِمَا ذَكَرْته فَإِنْ قُلْت: لِمَ اخْتَلَفَ الْمُرَجِّحُونَ فِي وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وُجُوبِ الْقِيَامِ فِيهِمَا؟ قُلْت لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمُحَاكَاةُ وَهِيَ بِالْقِيَامِ حِسِّيٌّ ظَاهِرٌ وَبِالنِّيَّةِ قَلْبِيٌّ خَفِيٌّ وَالْمُحَاكَاةُ إنَّمَا تَظْهَرُ بِالْأَوَّلِ فَوَجَبَ دُونَ الثَّانِي فَلَمْ تَجِبْ عَلَى قَوْلٍ (دُونَ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) فَلَا تَجِبُ أَيْ اسْتِحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ إلَّا لَهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ فِي تَصْوِيرِ هَذَا إشْكَالٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْفَرْضِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ فَلَا يَنْفَكُّ قَصْدُ الْفَرْضِيَّةِ عَنْ نِيَّةِ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. فَدَعْوَى عَدَمِ الِانْفِكَاكِ الْمَذْكُورِ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا لَكِنَّهَا تُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ وَيُسَنُّ أَيْضًا نِيَّةُ الِاسْتِقْبَالِ وَعَدَدُ الرَّكَعَاتِ لِذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَلَاةً) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَرْضًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا) أَيْ الصَّلَاةُ فِي الذِّهْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُسَمَّى الصَّلَاةِ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ الْمُكَلَّفُ بِهِ كَمَا بَيَّنَ فَقَوْلُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالْفِعْلِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ الْفِعْلُ الْمَطْلُوبُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ بِهِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ الْمَحْذُورُ مُجَرَّدَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ إذْ مُجَرَّدُ إحْضَارِهِ فِي الذِّهْنِ لَا يَكْفِي إذْ إحْضَارُهُ فِي الذِّهْنِ تَصَوُّرُهُ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ بَلْ لَابُدَّ مِنْ قَصْدِ إيجَادِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بَلْ وَمَعَهَا إلَخْ) هَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَنَا فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ بِهَامِشِ نُسْخَتِنَا مِنْهُ.
(قَوْلُهُ لِجَوَازِ تَعَلُّقِهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أُخْرَى لِيَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ.
(قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ فَهِيَ كَذَلِكَ) حَاصِلُ هَذَا كَمَا تَرَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلُّقُ النِّيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ حَتَّى النِّيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ لَا عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ بِأَنْ تَقْصِدَ الْجُمْلَةَ الْمُسْتَدْخِلَةَ لِتِلْكَ الْأَجْزَاءِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا لَا يَمْنَعُ وُرُودَ أَصْلِ السُّؤَالِ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا أَنَّ النِّيَّةَ مَنْوِيَّةٌ عَلَى الْإِجْمَالِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ تُثْبِتُهَا أَيْضًا عَلَى الْإِجْمَالِ وَهَكَذَا فَيَتَسَلْسَلُ فَتَأَمَّلْهُ بِلُطْفٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَلُّقَهَا بِكُلِّ فَرْدٍ إلَخْ فَمَعْنَاهُ عَلَى الْخُصُوصِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ بَعْضَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَا إجْمَالًا وَلَا تَفْصِيلًا وَهُوَ بَاطِلٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلتَّحَكُّمِ فَإِنْ قُلْتَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مُطْلَقًا وَيَكُونَ إشَارَةً إلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعَلُّقِ بِالنِّيَّةِ قُلْت فَيَرْجِعُ لِلْجَوَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا عَدَا النِّيَّةَ فَإِنْ قُلْت لَا يَرْجِعُ لَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى الْأَوَّلِ التَّعَلُّقُ تَفْصِيلًا، وَعَلَى هَذَا التَّعَلُّقِ إجْمَالًا قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى الْأَوَّلِ التَّعَلُّقُ التَّفْصِيلِيُّ بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ نِيَّةُ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ عَلَى التَّفْصِيلِ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَجْزَائِهِ) أَيْ بِخُصُوصِهِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ دُونَ التَّأْوِيلِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ هَذَا الرَّدِّ تَصْحِيحُ الْعِبَارَةِ وَدَفْعُ التَّكْرَارِ بِتَأْوِيلِهَا وَبَيَانُ قَرِينَةٍ عَلَى التَّأْوِيلِ وَهَذَا إنَّمَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ لَوْ ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ فَسَادَ الْعِبَارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا ادَّعَى أَوْلَوِيَّةَ غَيْرِهَا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا يَسْتَغْنِي عَنْ التَّأْوِيلِ وَالْقَرِينَةِ أَوْلَى مِمَّا يَحْتَاجُهُمَا وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَخْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُعْتَرِضِ الَّتِي حَكَاهَا لَيْسَ فِيهَا اسْتِدْلَالٌ بِاسْتِلْزَامِ قَصْدِ الْمُضَافِ لِلْفَرْضِ لِقَصْدِ الْفَرْضِ بِخُصُوصِهِ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ مَنْعُ الِاسْتِلْزَامِ وَأَنَّهُ عَلَى التَّسْلِيمِ يَلْزَمُ الِاكْتِفَاءُ فِي النِّيَّةِ بِاللَّوَازِمِ بَلْ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ تُفِيدُ قَصْدَ الْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِوُجُوبِ قَصْدِ الْفِعْلِ الْمُقَيَّدِ بِإِضَافَتِهِ لِلْفَرْضِ وَالْإِخْبَارُ بِوُجُوبِ الْمُقَيَّدِ بِشَيْءٍ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا وُجُوبُهُ مَعَ قَيْدِهِ لَا يُقَالُ نَمْنَعُ أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَلَوْ سَلَّمَ فَيَكْفِي فِي وُرُودِ الِاعْتِرَاضِ دَعْوَى أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ وَمُجَرَّدُ الْمُنَاقَشَةِ فِي الْعِبَارَةِ لَا تُغْنِي عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلِمَ اسْتِدْلَالُهُ بِالِاسْتِلْزَامِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ مَنْعُ الِاسْتِلْزَامِ إذْ لَمْ يَدَّعِ اسْتِلْزَامًا قَطْعِيًّا بَلْ ظَنِّيًّا بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَلَا شَكَّ فِيهِ وَلَمْ يَرِدْ أَيْضًا عَلَى التَّسْلِيمِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الِاكْتِفَاءُ بِاللَّوَازِمِ وَإِنَّمَا يَرِدُ لَوْ أُرِيدَ بِالِاسْتِلْزَامِ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ قَصْدُ الْفِعْلِ تَحَقَّقَ قَصْدُ الْفَرْضِ فِي ضِمْنِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ بِالْفِعْلِ بِخُصُوصِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ قَصْدُ الْفِعْلِ تَحَقَّقَ قَصْدُ الْفَرْضِ بِخُصُوصِهِ اسْتِقْلَالًا لَا فِي ضِمْنِهِ وَلَا شُبْهَةَ فِي إجْزَاءِ ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ قَصْدُ الْفَرْضِ بِخُصُوصِهِ) تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي اُدُّعِيَ لُزُومُهُ قَصْدُ الْفَرْضِ بِخُصُوصِهِ وَلَا شُبْهَةَ فِي إجْزَاءِ ذَلِكَ وَإِنْ جُعِلَ لَازِمًا فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ وَبِتَسْلِيمِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِاللَّوَازِمِ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ جَعَلَ هَذَا اللَّازِمَ قَصْدَ الْفَرْضِ بِخُصُوصِهِ وَلَا شُبْهَةَ لِعَاقِلٍ فِي إجْزَاءِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ لِيَتَمَيَّزَ) أَيْ اشْتِبَاهُ الْفَرْضِ بِالنَّفْلِ مَعَ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ لَمْ يُوجِبُوهُ) قَدْ تَمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ بِأَنَّ هَذَا النَّفَلَ لَيْسَ كَبَقِيَّةِ النَّوَافِلِ لِأَنَّهُ فِي ذَاتِهِ فَرْضٌ وُضِعَ عَلَى الْفَرْضِيَّةِ وَلَمَّا شُرِعَ لِلصَّبِيِّ لِيَتَمَرَّنَ وَيَأْلَفَهُ إذَا بَلَغَ نَاسَبَ وُجُوبُ الْقِيَامِ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ وَيَأْلَفَهُ وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ نِيَّةٌ خِلَافُ الْوَاقِعِ.
(قَوْلُهُ تَصْوِيبُ الْمَجْمُوعِ) تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قِيَاسَ تَصْوِيبِ الْمَجْمُوعِ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمْ يُخَاطَبْ بِفَرْضِ الْوَقْتِ فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ الْمَذْكُورِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمْ خُوطِبُوا بِفَرْضِ الْوَقْتِ الصَّادِقِ بِالْجُمُعَةِ فَهِيَ فَرْضُ الْوَقْتِ بَدَلًا أَوْ إحْدَى خَصْلَتَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَدَعْوَى عَدَمِ الِانْفِكَاكِ) كَوْنُ الْفَرْضِيَّةِ عِبَارَةً عَنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مَطْلُوبًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى طَلَبًا جَازِمًا وَعَدَمُ انْفِكَاكِ الْإِضَافَةِ عَنْ قَصْدِ الْفَرْضِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ انْفِكَاكِ الْإِضَافَةِ بِاعْتِبَارِ الطَّلَبِ بِمَعْنَى أَنَّ كَوْنَ الطَّالِبِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَنْفَكُّ عَنْ قَصْدِ الْفَرْضِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي الْإِضَافَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ فِي الْإِضَافَةِ بِمَعْنَى كَوْنِ الْمَعْبُودِ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ وَالْمَخْدُومِ بِهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْإِضَافَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى تَنْفَكُّ فِي الْقَصْدِ وَالتَّعَقُّلِ عَنْ قَصْدِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ عَدَمَ انْفِكَاكِ الْإِضَافَةِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي قَصْدِ الْفَرْضِيَّةِ قَصْدُ كَوْنِ الشَّيْءِ مَطْلُوبًا مِنْهُ طَلَبًا جَازِمًا مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الطَّالِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَرْضًا) أَيْ وَلَوْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءً أَوْ كِفَايَةً نِهَايَةٌ وَمُغْنٍ.
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَلَا إلَى وَهِيَ وَإِلَى قَوْلِهِ وَنَظِيرُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَلَاةً) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَرْضًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي سم أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لِيَتَمَيَّزَ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ قَصْدَ فِعْلِهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ) أَيْ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ لِنِيَّةٍ غَيْرِ الصَّلَاةِ قَلْيُوبِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا إلَخْ) أَيْ الصَّلَاةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُسَمَّى الصَّلَاةِ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودَ الْمُكَلَّفَ بِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي شُرُوحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَحَوَاشِيهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ فَقَوْلُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالْفِعْلِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ الْفِعْلَ الْمَطْلُوبَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ بِهِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ الْمَحْذُورُ مُجَرَّدَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ إذْ مُجَرَّدُ إحْضَارِهِ فِي الذِّهْنِ لَا يَكْفِي إذْ إحْضَارُهُ فِي الذِّهْنِ تَصَوُّرُهُ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ بَلْ لَابُدَّ مِنْ قَصْدِ إيجَادِهَا سم.
(قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الصَّلَاةُ (هُنَا) أَيْ فِي النِّيَّةِ لَا فِي نَحْوِ قَوْلِك الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ أَوْ الصَّلَاةُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ فَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ النِّيَّةَ حِفْنِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ التَّسَلْسُلُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى لِلُزُومِ التَّسَلْسُلِ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى. اهـ.
(قَوْلُهُ وُرُودُ أَصْلِ السُّؤَالِ) أَيْ عَلَى كَوْنِهَا رُكْنًا بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي الصَّلَاةِ لَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى فَيَتَسَلْسَلُ.
(قَوْلُهُ لِجَوَازِ تَعَلُّقِهَا بِنَفْسِهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أُخْرَى لِيَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ سم.
(قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ إلَخْ) وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا لَا يَمْنَعُ وُرُودَ أَصْلِ السُّؤَالِ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلُّقُ النِّيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ حَتَّى النِّيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ لَا عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ فَتَكُونُ النِّيَّةُ مَنْوِيَّةً عَلَى الْإِجْمَالِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ نِيَّتِهَا أَيْضًا عَلَى الْإِجْمَالِ فَيَتَسَلْسَلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَلُّقَهَا بِكُلِّ فَرْدٍ إلَخْ فَمَعْنَاهُ عَلَى الْخُصُوصِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ بَعْضَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَا إجْمَالًا وَلَا تَفْصِيلًا وَهُوَ بَاطِلٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلتَّحَكُّمِ سم.
(قَوْلُهُ وَتَعَلُّقُهَا بِالْمَجْمُوعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَلُّقَ الشَّيْءِ بِالْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّعَلُّقَ بِكُلِّ فَرْدٍ غَيْرَ أَنَّ هَذَا لَا يُجْدِي فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَجْزَاءِ الْمُتَأَلَّفِ مِنْهَا مَعَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ فَالنِّيَّةُ إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْأَجْزَاءِ الْمُتَأَلَّفِ مِنْهَا وَعَنْ الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ ثَبَتَ الْمُدَّعَى وَهُوَ كَوْنُ النِّيَّةِ شَرْطًا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً اسْتَلْزَمَ اعْتِبَارُهَا مَرَّتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَلَوْ سُلِّمَ صِحَّتُهُ فَلَيْسَ مُنَافِيًا لِلْمُدَّعَى الْمُشَارِ إلَيْهِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْأُولَى، وَهَذَا التَّقْدِيرُ فِيهِ تَسْلِيمٌ لِشَرْطِيَّتِهَا فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا بِالشُّرُوطِ أَشْبَهُ وَكَانَ وَجْهُ قَوْلِهِ أَشْبَهُ وَعَدَمُ جَزْمِهِ بِشَرْطِيَّتِهَا مُخَالَفَتَهَا لِبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ فِي كَوْنِ مُقَارَنَتِهَا لِجَمِيعِ الْأَفْعَالِ حُكْمِيَّةً لَا حَقِيقِيَّةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِكُلٍّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ) أَيْ بِخُصُوصِهِ سم.
(قَوْلُهُ مِنْ ظُهْرٍ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ.
(قَوْلُهُ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) وَيَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الصُّبْحِ صَلَاةُ الْغَدَاةِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ لِصِدْقِهِمَا عَلَيْهِمَا وَفِي إجْزَاءِ نِيَّةِ صَلَاةٍ يُثَوِّبُ فِي أَذَانِهَا أَوْ يَقْنُتُ فِيهَا أَبَدًا عَنْ نِيَّةِ الصُّبْحِ تَرَدُّدٌ وَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ وَيَظْهَرُ أَنَّ نِيَّةَ صَلَاةٍ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لَهَا عِنْدَ تَوَفُّرِ شُرُوطِهِ مُغْنِيَةٌ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا. اهـ. نِهَايَةٌ وَقَوْلُهَا وَفِي إجْزَاءِ نِيَّةِ إلَخْ نَقَلَ الْمُغْنِي التَّرَدُّدَ الْمَذْكُورَ عَنْ الْعُبَابِ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ. اهـ. وَقَوْلُهَا وَيَظْهَرُ إلَخْ مُتَّجِهٌ نَعَمْ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُلَاحَظَتَهُ عِنْدَ النِّيَّةِ وَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ السَّنَّ مُغَنٍّ عَنْهُ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَوَفُّرِهَا مَعَ عَدَمِ تَوَقُّفِ تَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا عَلَى ذِكْرِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ تَقْيِيدَ الْحُكْمِ أَيْ إنَّمَا يَكْتَفِي بِهَذِهِ النِّيَّةِ عِنْدَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ وَلَا وَجْهَ لَهُ أَيْضًا إذْ الْغَرَضُ التَّمْيِيزُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِمَا ذَكَرَ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ أَقُولُ حَمَلَ ع ش كَلَامَ النِّهَايَةِ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ م ر فِي هَامِشِ قَوْلِهِ م ر عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ مَا نَصُّهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي قُطْرٍ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهِ. اهـ.